قد تستشعر جمال مطار البلاد وأريحية إجراءاته وسهولتها عندما تسافر في رحلة مع عائلتك، بغض النظر عن درجة السفر التي اخترتها، لكن الشعور الحقيقي بتميز مطار بلادنا يتجلّى عند العودة، بعد أن نكون قد غادرنا وجربنا مطارات أخرى في الخارج، ورأينا الفروق في أدق التفاصيل. نبدأ بالتوق لملامسة أرض الوطن في أقرب لحظة ممكنة، وبمجرد أن نعانق سماءه، نتنفس الصعداء، مدركين أن ما تبقى من إجراءات كله يسر وسلاسة.
وهنا ندرك أن ما اعتدناه، مما نظنه مسلمات وحقوقاً أساسية، هو في الواقع ثمرة جهود جبارة، تُعد نموذجاً عالمياً نادراً. فقلّما تجد مطاراً في العالم بأسره، يقارب مطار بلادنا في كفاءته وجودته.
قد يظن البعض أن ما أقصده في هذا المقال يقتصر على الجوانب العمرانية الفاخرة، كاتساع المساحات، والمرافق التجارية، والجو اللطيف، ودرجة الحرارة المناسبة، والنظافة العالية والتعقيم خصوصاً في دورات المياه، أو حتى التطور التقني في أجهزة الفحص والدخول الذكي.
ورغم أن كل هذه الأمور تُميّز مطار بلادنا بامتياز، إلا أنني أودّ الحديث عن تفاصيل أخرى قد لا تُلاحظ سريعاً، لكنها تصنع الفارق.
منذ لحظة اصطفاف السيارة، تجد ما يكفي من المساحات لتحميل أمتعتك بسهولة، دون توتر أو استعجال، لك الحق في استخدام العربات -مجاناً- أو الاستعانة بمن يحمل عنك الحقائب. في الداخل، اللوحات الإرشادية واضحة، فلا مجال للضياع. الموظفون، بلا استثناء، يظهرون بأناقة تليق بالمكان، وابتساماتهم حاضرة، وتعاملهم الراقي يمنحك انطباعاً بالترحاب لا التوتر.
سواء كان الاستقبال من طاقم التسجيل، أو المساعدة عند البوابات الذكية، أو خدمة كبار السن، فإن الأداء سريع وفعّال. في بعض المطارات العالمية، لا تُتاح هذه الخدمات إلا بعد حجز مسبق، إن وجدت أساساً، بينما هنا، تُقدَّم ببساطة ومن دون تعقيد.
حتى لباس موظفي الجوازات يوحي بالألفة، لا بالترهيب. أماكن الجلوس متاحة للجميع، بلا رسوم، والراحة متوافرة في كل زاوية. شحن الهاتف، الاستحمام، الاستراحة، كلها ممكنة دون الحاجة إلى صالات كبار الشخصيات أو المسافرين من الدرجة الأولى.
ولن تجد – على امتداد المطار – أشخاصاً غير مرغوب فيهم، أو محاولات احتيال عند سيارات الأجرة أو المخارج.
في الواقع، بدأت بكتابة هذا المقال أثناء انتظاري في أحد مرافق مطار بلادنا، وأنا الآن أرسله لحظة عودتي إليه، أكتب وأنا أكثر يقيناً أن مطار بلادنا.. فعلاً غير.