الرئيسية » ما وراء صمت الأبناء.. «الجزء الثاني»

ما وراء صمت الأبناء.. «الجزء الثاني»

by Sami

لاشك أن الجزء الأول من هذا المقال قد ساعدنا على مراجعة وإدراك مختلف العلامات، وتعلّمنا أن صمت الأبناء في مجلس العائلة ليس دائماً علامة سكون وطمأنينة، بل قد يكون صرخة خفية، وهنا نستكمل الجزء الثاني.

5. وجود خلافات خفية بين أفراد العائلة

من أخطر أسباب الصمت المفاجئ الخلافات غير المعلنة داخل المجلس العائلي.

حين يصمت أحدهم، أو تتغير نبرة العلاقة بين اثنين فجأة، فغالباً ما تكون هناك خلافات لم تُحل، لكنها انعكست على الجو العام، وأثّرت في سلوك أفراد الأسرة.

6. اللغة.. حين لا يفهم الأبناء «الرمسة»

من الإشكاليات المستجدة في مجالس العائلة اليوم، والتي تسهم في اتساع فجوة الصمت، ما يمكن تسميته بـ«فجوة اللغة»، فلم يعُد التباعد محصوراً في الأفكار أو المشاعر، بل تعدّاهما إلى غياب الفهم اللغوي نفسه. وفي بعض العائلات لا يفهم الأبناء «الرمسة الإماراتية»، بل وربما لا يتقنون العربية أيضاً.

تتجلى هذه الظاهرة نتيجة عوامل مجتمعة عدة، منها الاعتماد على التعليم الخاص الذي يركز على اللغات الأجنبية، وانشغال الأهل، وغياب الحوار اليومي باللغة الأم.

كما أن تربية الأطفال على يد عاملات منزليات غير ناطقات بالعربية، وانعدام وجود أقران إماراتيين يشاركونهم اللهجة والهوية، يُضعفان الممارسة اليومية للهجة المحلية ويجعلان الطفل ينمو لغوياً في بيئة غريبة عن مجتمعه الحقيقي.

وعندما لا يفهم الكلمات المتداولة في المجلس، أو لا يعرف كيف يعبّر عن نفسه بلهجة أقرب لأسرته، يُفضّل الصمت على المشاركة. وهنا لا نتحدث فقط عن فجوة لغوية، بل عن شرخ في الانتماء والهوية، وعن عزلة تتغذى من داخل الأسرة نفسها.

7. انعدام القيمة الأسرية لدى الأبناء

أما الأخطر من كل ما سبق، فهو ألا يكون هناك سبب واضح سوى أن الأبناء باتوا يرون العائلة شيئاً «عابراً»، لا يحمل قيمة حقيقية في وجدانهم. ينتظرون انتهاء الجلسة بفارغ الصبر ليهربوا نحو أصدقائهم أو عوالمهم الرقمية.

وهنا نصطدم بحقيقة مُقلقة: الأبناء لم يعودوا يشعرون بأن الأسرة تستحق الاهتمام، أو أنهم لم يتلقّوا أساساً الرسائل الكافية التي تزرع هذا الشعور في داخلهم.

ختاماً، علينا كآباء وأمهات، وككبار في المجلس، أن نُحسن الإصغاء إلى ما لا يُقال، ونقرأ ما بين السطور، فالمعضلة إن تُركت بلا علاج فقد تتفرّع عنها مشكلات أكبر: عزلة، انطواء، انقطاع اجتماعي، وربما انفصال وجداني عن الأسرة بالكامل.

You may also like

اترك تعليق